Tuesday, September 1, 2015

اقتل المُفتي الذي بداخلك!

قبل قليل كنتُ استمع لمحادثة عابرة بين فتاتين، كانت الأولى تتكلم عن إحداهن التي يخنقها لِبس النقاب(أعتقد أنّه يسمى محليا خمار أو غشوة وربما كانت هناك فروق في هيئتهما ولكن الهدف واحد: تغطية الوجه)، كانت تعيب الأخرى عليها ذلك بل وقالت نصا "أصلا سمعت إنه فَرض خلاص". لادخل لي باعتقادات الناس الشخصيّة وأنا لستُ ضِّد تغطية الوجه ولا أي شيء آخر طالما اقتنعت المرأة أنّه عورة، لكن ما أثار حفيظتي حقّا هو ثقة صاحبتنا التي "سمعت" أنه "فرضا" وعلوّا على ذلك أردفت توكيدا بـ "خلاص".
فكما هو معلوم أن الصراع في هذه القصيّة لايزال بين كّرٍ وفّر بل وليس هناك نص قرآني حاسم لهذا الأمر (وإلا لِما الخِلاف أصلا). وأنا لستُ بصدد تذكير هذه المرأة بقول ابن عبّاس والسيدة عائشة- رضي الله عنهما- في اعتباره ليس بعورة ولن تكون في حاجة بأن أهديها كتاب الألباني :" الرّد المفحم على من خالف العلماء وتشدّد وتعصّب وألزم المرأة أن تستر وجهها وكفيهّا وأوجب ولم يقنع، بأنه سنّة ومستحّب"؛ لأنها "سمعت" ولأنه "خلاص".
وهذا كلّه غيضٌ من فيض، ما بال أقوامٍ حسبوا أنفسهم النور المستنير الذي بعثه الله ليخرج الناس من الظلمات، بل والأدهى والأمّر أنهم يستلمون عقائد العامّة وهم ما عرفوا غير الذي سمعوه عن غيرهم ولو ناقشتهم في آية لبهتوا.
إعلم يا رعاك الله أن استماعك لبرنامج الفتاوي كل اثنين لايصنع منك مُفتيا، فلا تخوّل نفسك رقيبا على الناس. وكّف لسانك ما دُمت تجهل من أمامك ولاتمدّن رجليك ما لم تسبر أغوار مُحدثّك.

No comments:

Post a Comment