في خضّم الثورة التكنولوجية،وبينما يتقيأ العالم الكوارث والحروب، ليس هنالك ماهو أسهل من نشر الأخبار أو بصورة أدّق "الشائعات".
الناس لم تعد تملك الوقت الكافي للتأكد من صحة الخبر،همهم إتحاف الأصدقاء بآخر الأخبار،الأدهى من ذلك أن هذه الظاهرة ليست محصورة على فئة محددة من المجتمع،فشائعات الواتس آب تنهمر علينا من كل الفئات(موظفون-طلبة آكاديميين-طلاب المدارس) وكأن الناس-جُلُّ الناس-تحولوا لنشرات إخبارية متحرّكة!
إنه لمن المُحزن حقا أن يستمد المجتمع ثقافته من برامج التواصل الإجتماعي،خصوصا برنامج الواتس آب حيث يكادُ لايخلو هاتف منه،ومصادر الخبر فيه مجهولة غالبا.
لا أعلم إن كنا نستطيع أن نطلق عليها ثقافة حقيقية،إنني أرى أنها مجرّد ثقافة كرتونية تزول مع أول هبّة ريح.
فرسائل الشائعات السياسية والإجتماعية تتلاشى كسحابة صيف من أول إثبات .لتناقضها إعلاميا أو مصدر آخر موثوق في تويتر وغيره
المثير للعجب حقا هو كمية الرسائل التي تصل عن أدوية شعبية تشافي أخطر الأمراض كإيبولا والسرطان والسكري-والعياذ بالله- بل ويقسم المُرسل-أغلظ الأيامين-أنها تشفي وفعالّة، ولعله تفائل أكثر وقال أنها من أول استخدام تزيله تماما،نعم،أنا أؤمن بقوّة الطب الشعبي وأنه ما من داء إلا وله دواء بإذن الله،ولكن من المجحف أن تتدارس المراكز الطبية الغربية المرض وطرق علاجه ولم تتوصل إلى حل فعّال إلى الآن فما بالك بالشفاء من أول استخدام،بينما لدينا يكتفون بذكر اسم مؤلف الوصفة وغالبا يكون له صيت ديني، وكأنه عصا سحرية تشفي من كل شي بمجرد "تخريف"وصفة طبية ومباركتها ببعض الأدعية واستحلافك بإرسالها طبعا!
وهذا كلّه غيضٌ من فيض،فكلكم تعلمون مدى جسامة الأمر،ومدى غرابة الشائعات التي يكاد لايصدقها عاقل!
أتمنى من أعماقي حقا أن يكف المجتمع عن إرسال الرسائل التي لاتسمن ولاتغني من جوع،وأن نعود إلى الكتب مجددا،فنحن أحفاد السالمي والعوتبي والفراهيدي-رحمهم الله جميعا-وسنعود أقوياء بعقولنا،غدا أو بعد غد.
No comments:
Post a Comment