Saturday, August 8, 2015

ذريّة في مهّب الذرى

لكنه مات. لم يكن أهلا لهذه الحياة، الحياة التي قدمت فيها كل ما أملك لأجل الحصول على ما لم أملكه قّط.
هذا البطن عديم الفائدة، خواءٌ وعدم، كل الابتهالات على مدى عشرين سنة ولم يأتِ الجواب، كل النداءات الخفيّة بـ " يا رب إنّ هذا الكون بعظمته لم يعجزك فارزقني نُطفة لا أظمأ لمولودٍ بعدها أبدا" لكننّي لم أكن سارة والزوج لم يكن زكريا. انتبذت من أهلي وخاصتّي مكانا قصيّا تحايلت الغثيان كي يأتي ولا يأتي، نظرات الشفقة سكاكين تنشُز ما بقي من جَلَدي ولا تأتي!
لماذا.. يا إلهي.. يتعيّن عليّ أن أكون الجزءَ العاقرَ من هذا الكون، الآلة المعطوبة ،البئر الخاوية زادتك عطشا وما رويت.
كل الخلطات والمأكولات تناولتها - مهما كانت نسبة فعاليتها- بلا كلل ولا ملل، حفظ وجهي كُلُّ أطباء النساء والولادة فتحققّت الأولى ولم تأتِ الولادة.
لم أتوانى ولو للحظة في شرب كل المياه المقروء فيها  المُقدمّة من أمّي وكُل صديقاتها ولكن بطنّي كأنه قد خُلق لكّل شيء إلا وظيفته الحيويّة التي جُبلت عليها كُل بنات حواء.
عشر سنوات من الرمادة وأتيت أخيرا، ولم تخرج مصحوبا بهالة من نور كما ظننتك مطولّا ولم يتهافت عليّ الأطباء لرؤية الطفل المعجزة. كل ما حصل هو أنك خرجت نيئا قبل موعدك بأربعة أشهر وميتّا كسمكة نافقة، تهافت الأطباء حولي ولكن لإنقاذ ما تبقّى من حياتي ونسوا روحي المتهشمّة في قبرك.

No comments:

Post a Comment